هل بدأت علامات القيامة؟؟ الأمم المتحدة تُحذر: كوكب الأرض في طريقه للفناء!

كوكب الارض

قبل خمسة عقود وربما أكثر، والعلماء يدقون ناقوس الخطر، ثانى أكسيد الكربون يزداد، وثقب الأوزن يتسع، وعبر مختبراتهم، راحوا يطلقون التحذيرات المدعومة بأدلة موثقة، يتوجهون بها إلى القادة والحكومات، خصوصا تلك التى تنتسب للعوالم الصناعية، كونها المسئولة الرئيسية عن ظاهرة الاحتباس الحرارى، وبالتالى عليها أن تتحمل العبء الأكبر، غير أن دعواتهم هذه بدت كأنها تحارب طواحين الهواء، إذ لم تلق آذانا صاغية أو بعبارة أدق الاهتمام الكافي.. وما إن لاحت علامات الكارثة المحدقة بالكون، حتى تعالت الصرخات، «احذروا نحن مقبلون على الفناء لا محالة!». 

إنه ليس الإنذار الأخير فحسب، بل إن الحاصل ـــ وهو مروع بكل المقاييس ــ تجاوزه، هذا ما أعلنته الدورة السابعة والستون للجمعية العامة بالأمم المتحدة، فلم تعد الأرض، ومن عليها سواء كانوا بشرا أم حيوانات أم نباتات، تملك ترف الانتظار، لقد وصل أنينها إلى نقطة اللا عودة، فإما الآن المواجهة الحاسمة والابتعاد عن أنصاف الحلول، أو الهلاك المحقق لكوكبنا.

اقراء ايضاً :

رويدا رويدا.. تلاشت الحياة
من الممكن جدا، كما يقول العالم الكبير فاروق الباز، الرئيس السابق لمركز أبحاث الفضاء، جامعة بوسطن وعضو المجلس الاستشارى لكبار العلماء للرئيس عبد الفتاح السيسي، أن تتحول البيئة فى "المعمورة" إلى ما لا يمكن أن يعيش فيه الكائن الحى، وفى أزمنة بعيدة حدثت تحولات والأمثلة عديدة، ارتفاع درجة الحرارة يمكن أن يغير البيئة كلية وتماما، كما حدث فى صحراء مصر الغربية، كانت هناك بحيرات فى قديم الزمن قبل 11 ألف سنة وأشجار وحيوانات ونعام، ثم اختفى كل ذلك رويدا رويدا، وتلاشت الحياة وهذا خطير، لذلك يجب على الدول تغيير خططها وبرامجها وأهدافها بما يتوافق مع مواجهة التغيرات المناخية لتجنب الكوارث المحتملة، وعلى كل دولة توجيه مواطنيها بأن عليهم الإقلال من العمل الذى يرفع من درجة الحرارة فى الأرض.

كانت هناك تنبؤات على ما نحن فيه منذ سبعينيات القرن الماضى، إذ بدأ العلماء يقولون إن ثانى أكسيد الكربون، يزداد فى الغلاف الجوى، وهذا سوف يرفع درجة الحرارة، ولابد من الكف عن الاستخدام المكثف من البترول، ونحاول تغيير تصرفاتنا، لكن مع الأسف لم نستمع لذلك إلا بعد أن ظهرت بعض بوادر تغير المناخ، متمثلة بحرائق الغابات وازدياد الأمطار الغزيرة، وبدأ الجميع يشعر بالتغير، الذى يتطلب سرعة التعامل مع هذا الوضع، لكى لا تحدث كارثة تؤثر على كل الحياة فى الأرض.

بالنسبة للدول التى تستطيع أن تواجه هذا الخطر بشكل جيد، فهى البلاد الغنية، المتقدمة صناعيا وتكنولوجيا التى تنتج أكبر كمية من الغازات، وهى أول من يجب عليها مجابهة تلك الأزمة التى تهدد الوجود بأسره، أما دول العالم الثالث، فهناك القليل الذى يمكن لها أن تفعله، لأن ليس لديها الكثير من السيارات وعربات النقل وما إلى ذلك، ومن ثم لن تستطيع القيام بدورها وواجباتها، فالقليل جدا من أسباب ارتفاع درجة الحرارة يأتى منها، مقارنة بالدول المتقدمة، صاحبة المصانع الكثيرة والسيارات، واستخدام النفط بشكل كبير فى كل شىء.
وبخصوص ما تم إعلانه خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة برصد 11 مليار دولار، وغلق بعض المصانع فى الصين، أقول إنها بدايات مشجعة ونحييها، لكنها بالتأكيد لا تكفى، والدليل على ذلك، هو أننا فى حاجة ملحة لخطوات أخرى أكثر فاعلية.

البحث عن بدائل
يقول الدكتور بول سالم، رئيس معهد الشرق الأوسط بواشنطن، لا شك أن الدول المتقدمة لعبت الدور الأساسى فى القرن الماضى، حتى الآن، فى زيادة نسبة ثانى أكسيد الكربون فى الهواء بشكل عام، والذى أدى إلى هذا النمط من التغير المناخى، ولحقت بها فى العقدين الماضيين، الصين التى أصبحت من أكبر المنتجين لثانى أكسيد الكربون، والهند دولة كبيرة ولها اقتصاد ضخم، ولعبت دورا أيضا فى هذا الازدياد، أما تأثير الدول النامية فى إفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، فهى تشارك أيضا فى زيادة ثانى أكسيد الكربون، لكن دورها نوعا ما ثانوى، وجاءت لهذا المسار بشكل متأخر، فلا شك أن الدول المتقدمة، تقع عليها المسئولية الأولى لأنها بدأت مبكرا، بشكل عام بهذا المسار الصناعى، والآن الدول العظمى الكبرى مثل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية، تتحمل جزءا كبيرا من هذه المشكلة اليوم.

وأشار إلى أنه قد تم عقد مؤتمرات واتفاقات دولية عدة، يوجد هناك اعتراف، أن الدول المتقدمة بشكل عام عليها مسئولية أساسية وأكبر بكثير مقارنة ببلدان أخرى، ولا شك أن الصين والهند وأمريكا، تقع عليها مسئوليات، لكن انضمت أخيرا إلى هذه المشكلة، ولم يكن لها تأثير عبر القرن، كما كان للدول المتقدمة، التى استفادت من التصنيع باستعمال النفط والمواد الملوثة، دون أن تدفع ثمنا، وتقدمت كثيرا والآن تحاول أن تضغط على الدول النامية أن تلتزم بشروط، ومما قد يؤخر من نمو هذه الدول.

وأكد سالم أن هناك اعترافا اليوم من الدول المتقدمة، بايدن والحزب الديمقراطى يعترفان نوعا ما بهذه المسئولية، فالرئيس الأمريكى فى خطابه أمام الأمم المتحدة، رفع من قيمة نسبة تبرع الولايات المتحدة لهذا الصندوق، كما وعد برفع التبرع الأمريكى إلى 11 مليار دولار من أصل المائة مليار دولار التى تم التوافق عليها كرقم نظرى، لكن العديدين يقولون، إن على الولايات المتحدة أن تصل إلى 20 مليار سنويا على الأقل، لتبدأ بتحمل مسئوليتها، هذا أمر أمامه تحديات سياسية أمام الكونجرس والموازنة فى الولايات المتحدة. وهناك مؤتمر قمة حول موضوع المناخ فى أسكتلندا بالخريف المقبل، سنرى مفاوضات وتبرعات أخرى من الدول المتقدمة لمواجهة هذه الأزمة.

وتابع: عندما نأتى إلى دول فى الشرق الأوسط، هناك نوعان من الدول، المصدرة والمنتجة للنفط وشركاتها النفطية، وعليها مسئولية عامة، لأنها هى العنصر الأساسى فى إنتاج وتصدير هذه المواد، التى تؤدى إلى مشاكل عالمية وتغير مناخى يؤثر ليس فقط على العالم بشكل عام، لكنه يؤثر كثيرا على دول الشرق الأوسط بأكثر ارتفاعا لحرارة الجو، فقد تخطت فى العراق والكويت وبعض دول الخليج ودول إفريقيا الشمالية الـ 50 درجة مئوية، وهذا يشكل خطرا على البشر والاقتصاد فى هذه البلاد، فالدول المصدرة والمنتجة للنفط، تفكر الآن بمستقبلها، وأن أسعار وأسواق النفط تبدأ بالانكسار نوعا ما بالعالم، تحاول هذه الدول التفكير حول ما هو مستقبل اقتصادها إذا اعتمدت كليا على النفط والغاز، وتنظر إلى مستقبل الطاقة وصناعتها فى المنطقة والعالم بشكل عام، وتبدأ بتصنيع أنواع مختلفة للطاقة مثل الطاقة الشمسية، الهوائية والبحرية والمعتمدة على حرارة الأرض، لتبقى هذه الدول والشركات متقدمة فى قطاع الطاقة حتى لو تراجعت نسبيا فى النفط والغاز.

وشدد رئيس معهد الشرق الأوسط بواشنطن، على أن بعض الدول الشرق أوسطية وعربية، لا شك أنها ستستفيد من المساعدات الدولية، لكن على هذه الدول أن تعى أيضا أن الاعتماد على الطاقة النفطية له تأثيرات كبيرة، وتدرك أن التغير المناخى أمر واقع وخطير، وعليها أيضا أن تضع السياسات الضرورية للابتعاد تدريجيا عن استعمال النفط والغاز كخيار وحيد والاستفادة من الطاقة الشمسية.

والمهم أيضا أن الصين، أكدت أنها ستوقف بناء مصانع الفحم للتوليد الكهربائى، فكانت هى تمول وتبنى معامل فحمية لتوليد الطاقة الكهربائية حول العالم، ويعد ذلك تنازلا كبيرا منها، المفاوضات الدولية ستستمر من الآن حتى مؤتمر أسكتلندا سعيا إلى دعم مالى أكبر، العام الماضى وصل الدعم إلى 75 مليار دولار، ولم يصل إلى مائة مليار دولار التى وعدت بها الدول المتقدمة.

الصراع ما بين مجموعتين
وبحسم، قال المحلل والكاتب السياسى توفيق حميد: لن تتحول أهداف الدول وخططها لمواجهة أزمة التغيرات المناخية إلى واقع ملموس، إلا إذا الحكومات تبنتها، هناك اتجاه علمى معين يؤكد وجود تغير ضخم فى المناخ بسبب الانبعاثات الحرارية، وما يسببه ذلك من مشكلات وبالفعل يتم رصد بعضها، والصراع ما بين مجموعتين إحداهما تصف تلك التغيرات بالطبيعية على الكرة الأرضية، بينما أخرى تقول إن هذه التغيرات سببها الانبعاث الحرارى، وأثبتت ذلك، ولن يحدث تغير ملموس إلا عندما تتبناها الحكومات، وتتخذ إجراءات تساوى تغيير جميع الأجهزة التى تسبب الانبعاث الحرارى كل أنواع الثلاجات والسيارات بأنواعها إلى أنظمة أخرى، مما يعنى أن البشرية لابد أن تغير ما لديها من أجهزة وتستبدل بأخرى، والبعض يرى أن الشعوب لن تتحمل ذلك، حيث من الممكن أن ينتج عنه عدم استقرار، لذلك على الحكومات أن تتخذ القرار، الحكومات غير المستفيدة من الإنتاج الصناعى بالنسبة لها لا يصب فى مصلحتها، لأنها مستهلكة، وستدفع على سيارات وثلاجات وغيرها من الأجهزة بأنواع طاقة بديلة.
وكشف حميد عن أن الدول الرأسمالية والشركات الكبرى، ترغب فى أن تتحمل الحكومات والشعوب، فاتورة تفعيل أهداف وخطط مواجهة أزمة التغيرات المناخية، لكن العدل فى تصورى أن الشركات المستفيدة من بيع التكنولوجيا الجديدة يفرض عليها ضرائب أعلى، ويدفع منها هذه المبالغ، فالمبيعات للأجهزة والسيارات بالتكنولوجيا الجديدة قليلة الانبعاثات قد تصل إلى تريليونات الدولارات، مما يؤكد ضرورة فرض ضرائب كبيرة على أرباح الشركات العملاقة، وهذا ما يجعل حكومات كثيرة مترددة، لأنه يعقبه إجبار مصانع عملاقة أن تتوقف حتى تستخدم أنواع طاقة بديلة، والدول بنسبة مشاركتها فيما يسبب الانبعاثات الحرارية التى تلوث المناخ، وغالبا هى الدول الصناعية الكبرى وليست الزراعية، عليها تحمل المسئولية على الأقل، بما يعادل نسبة إنتاجهما لمسببات التلوث مثل أمريكا والصين.

الصناعات الأكثر تلويثًا
قال الدكتور سمير شحاتة، إخصائى العلاقات الدولية والشرق الأوسط بواشنطن، يعد تحويل خطط مكافحة تغير المناخ إلى برامج فعلية، أحد أصعب التحديات فى التعامل مع الأزمة، وتحتاج الحكومات إلى خطط ملموسة عادلة ومنصفة ولا تثقل كاهل الدول النامية - بالتنسيق مع الشركات - لتوفير حوافز للانتقال إلى اقتصادات الطاقة النظيفة، واتخاذ تدابير ملموسة لمكافحة تغير المناخ،  يمكن أن يكون هذا فى شكل زيادة الضرائب على طاقات الكربون (مثل النفط والغاز والفحم) وزيادة الحوافز الاقتصادية (على سبيل المثال، الإعفاءات الضريبية والإعانات والبرامج التعليمية والتدريبية وزيادة الأموال للبحث عن الطاقات النظيفة) - بالإضافة إلى عالمية صندوق - تسهم فيه الدول الغنية - يمكن أن تستخدمه الدول النامية لإجراء التغيير.

وأضاف الأزمة البيئية والاحتباس الحرارى مشكلة عالمية، كل ذلك يؤثر على الناس فى مصر والإكوادور وإنجلترا، وفى جميع أنحاء العالم.  سيتعين على الجميع المساهمة والمشاركة إذا أريد لهذا أن يكون فاعلاً، علاوة على ذلك، فإن الفقراء، فى كل من البلدان الغنية وكذلك فى الجنوب العالمى، هم الضحايا، والأكثر أهمية لعدم المساواة البيئية والتلوث وتغير المناخ، هم أكثر الأحياء تلوثا، إنهم الأشخاص الذين يعملون فى ظروف غير آمنة نتيجة لإنتاج الطاقات الكربونية، وهم الأشخاص الذين تعانى مجتمعاتهم أكثر من غيرهم من تغير المناخ، فى كل من العالمين المتقدم والنامى. فى الوقت نفسه، تحتاج الدول الغنية، الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، واليابان، وكذلك تلك الدول الغنية، التى تعتمد اقتصاداتها بشكل أساسى على الطاقة القائمة على الكربون إلى الإسهام بشكل أكبر للقيام بهذا التغير العالمى.  

وأوضح أن المخاطر يواجهها بالفعل الناس فى العالم النامى، وبشكل غير متناسب أولئك الذين هم أكثر ضعفا وأفقر فى العالم النامى، تحتاج الحكومات فى العالم النامى إلى إعادة توجيه صناعاتها واقتصاداتها للالتقاء والاستفادة من المشهد الاقتصادى والبيئى العالمى المتغير، يجب أن تتصدى هذه الحكومات لهذه القضية، لتأخذ زمام المبادرة فى هذه القضية، الأزمات هى أيضا فرص، تحتاج الحكومات إلى توفير طاقة أفضل ومتجددة وأنظف لسكانها وتقليل اعتماد مواطنيها على محرك الاحتراق (مثل السيارات والشاحنات)، وعلى الصناعات الأكثر تلويثًا.  وهذا يعنى استثمارًا كبيرًا فى النقل العام يكون منصفًا وموجهًا لغالبية المواطنين، وليس فقط الطبقة الوسطى والأثرياء الذين يمتلكون السيارات.  يجب على الحكومات أيضًا تثقيف سكانها حول تغيير أنماط حياتهم، وتقليل الاستهلاك غير الضرورى (لأولئك الذين يستهلكون بالفعل أكثر بشكل غير متناسب) لمواجهة هذا التحدى الوجودى.

ووصف المحلل السياسى باراك بارف، فى معهد نيو أمريكا أورجانزيشين، تغير المناخ، بأنه يعد أكبر مشكلة يواجهها العالم، وإذا لم يتم التعامل معها فى السنوات الخمس إلى العشر المقبلة، فسيتم إلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بالكوكب، وقال دول العالم الثالث محبطة من الغرب، لأنها لم تنتج انبعاثات الغازات الدفيئة التى تهدد الكوكب، بينما الغرب يطلب منهم كبح التنمية للتعامل مع المشاكل التى خلقوها، نتيجة لذلك، تقاوم دول مثل الهند والبرازيل، غير راغبة فى كبح جماح انبعاثاتها بشكل جذرى، من ناحية أخرى، تدرك الصين التهديد الذى يشكله تغير المناخ على الاستقرار الاقتصادى، لهذا السبب، لعبت الصين دورًا إيجابيًا فى مكافحة التهديد.