يحظى بدعم إماراتي سخي .. ضابط بارز في جيش ‘‘صالح’’ يطيح بـ‘‘الانتقالي الجنوبي’’ ويحكم سيطرته على قيادته (الاسم)

قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي الانقلابيه

تحت تسمية “مليونية التثبيت والتمكين”، حشد المجلس الانتقالي الجنوبي الآلاف من أنصاره في عدن، فأصدر بياناً (قيل إنه يمثل النقابات ومنظمات المجتمع المدني) يطالب المجتمع الدولي بتسليم إدارة الجنوب للمجلس، ويدعو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي ونائبه هاني بن بريك إلى تحمّل “المسؤولية التاريخية، بالتفويض الممنوح له من قبل الشعب، لإقامة دولة الجنوب”.

 

اقراء ايضاً :

 

 

 

في المقابل، تواصل أبرز مكوّنات “الحراك الجنوبي”، وعدد من كبار قياداته وشخصياته (صلاح الشنفرة وحسن باعوم، بصفة خاصة)، رفض “استخدام القضية الجنوبية في صراعات باطنها حبّ السلطة وظاهرها شعارات الحراك الجنوبي”. وهذه المكوّنات تضمّ المجلس الأعلى للحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب، ومجلس الحراك المشارك في مؤتمر الحوار الوطني، والجبهة الوطنية لتحرير واستقلال الجنوب، وجمعية المتقاعدين العسكريين، والحركة الشبابية والطلابية، والهيئة الشرعية الجنوبية للإفتاء والارشاد، وحزب جبهة التحرير، وقطاع المرأة، والمجلس الوطني، وثورة 16 فبراير، وسواها.

 

وهذا الانقسام الجلي هو المظهر الأوّل للمعضلة العسيرة التي شرعت الإمارات العربية المتحدة تواجهها في الجنوب منذ ابتداء مساندتها للمجلس الانتقالي، والمظاهر الأخرى المقبلة سوف تتخذ هيئة صراعات مباشرة قد لا تقتصر على الهيئات السياسية ومنظمات المجتمع المدني في الجنوب، إذْ من المتوقع أن تذهب أبعد نحو التطاحن العقائدي والسياسي والقبائلي، فضلاً عن الصدام العسكري. وأمّا العنوان الأوّل، وربما الأكثر حرجاً وإشكالية، فهو ليس اللواء الزبيدي، الذي انتمى ذات يوم إلى قضية الحراك؛ بل بن بريك… الذي قاتل الجنوبيين خلال حرب 1994، ضابطاً برتبة نقيب في صفوف علي عبد الله صالح!

 

وفي بعض تفاصيل سيرة هذا الرجل/ التابع، الذي لا يخفي اتكاءه التامّ والوحيد على أبو ظبي، أنه كان أحد مقاتلي “الصناعة الجهادية” التي أطلقتها المخابرات المركزية الأمريكية في أفغانستان، ضدّ الوجود العسكري السوفييتي؛ وأنه سُجن في عهد صالح بتهمة تفخيخ سيارات والتخطيط لعمليات إرهابية، وأفتى بجواز قتل المجندين في الجيش اليمني بعد انضمامه إلى “أنصار الشريعة”؛ وفي سنة 2016 عيّنه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وزير دولة، ثمّ أقاله وأحاله للتحقيق بتهمة التمرد؛ وفي 2017 تولى الإشراف، في مدينة عدن، على إنشاء مركز ديني هو الأكبر من نوعه في المحافظات الجنوبية، بتمويل إماراتي، أُريد له أن ينافس مركز دماج الديني (الذي كان سلفياً، ثمّ بات أقرب إلى الحسينية بعد سيطرة الحوثي) في محافظة صعدة الشمالية…

 

كلّ هذه تفاصيل جديرة بتظهير معضلة أبو ظبي في التعامل مع هذا الرجل تحديداً، خاصة في إطار المخطط الأوسع نطاقاً على صعيد إحكام النفوذ الإماراتي في الجنوب، على المدى الأبعد وليس الأقرب. فمن زاوية أولى، كيف توفّق أبو ظبي بين نهجها، المعتمد منذ عقد ونيف عملياً، في مناهضة الإسلام السياسي والسلفي، ثمّ الجهادي استطراداً وقبلئذ، وعلى هديه تحارب الإصلاحيين في الجنوب؛ وبين مساندتها لرجل سلفي النشأة، وجهادي السيرة، ومتهم بأعمال تصفيات واغتيالات، وصاحب فتاوى ظلامية؟ ومن زاوية ثانية، كيف سيقتنع الشريك السعودي بأنّ التحدّي الذي بات يبديه بن بريك في وجه الرياض، لن يتجاوز مستوى اللفظ وخطاب التحشيد فقط؛ وأنه لن يتطوّر أكثر بصدد المغامرة العسكرية السعودية في اليمن، وعلى حساب حليف الرياض المستكين، “الرئيس الشرعي” هادي؟ وثالثاً، كيف لهذا النموذج تحديداً أن يقنع أبناء الجنوب بأنّ جوهر قضيتهم في أيد أمينة، ما دام سجلّ الرجل يحفل بكلّ ما يناقض المطالب الأبسط في تلك القضية؟

 

وأخيراً، وليس آخراً: مَنْ يضمن نكوص بن بريك عن انحياز الشباب القديم، وربما طموح الكهولة والمستقبل، إلى إعادة إحياء “الصناعة الجهادية” في الجنوب، بأيد محلية هذه المرّة؛ قوامها نسخة متجددة من… “أنصار الشريعة”؟

وأتس أب