في العتمة حيث يصبح الإنسان مجرد رقم!

لم يكتفي الحوثي في سجونه الظالمة من تجريد الناس من حرياتهم وأهليهم  وممتلكاتهم بل تمادى به الآمر إلى تجريدهم حتى من أسماءهم.
 
حيث أصبح في الفترة الأخيرة من فترات السجن إذا أحضر سجينا يمنع عليه استخدام إسمه ويحوله إلى رقم حتى لايتم التعرف علية من قبل من بجواره وإخراج أي معلومة تتعلق به.
 
 مئات الأشخاص لانعرف عنهم إلا أنهم أرقاماً نتعرف عليهم بها، إسماً ومنطقة وقضية، ألا يكفي الإخفاء القسري والغرف المظلمة والزنازين الانفرادية، وقطع كل ماله علاقة بالخارج والحياة .
 
قابلنا سجناء كثر، وعندما أردنا التعرف عليهم ردوا علينا بلغة الأرقام المفروضة عليهم والتي لو كشفوها لتسبب في ايذاءهم وتعذيبهم.
 
في سجن البحث الجنائي أواخر شهر يونيو 2015،  كان السجان الحوثي يضعنا في زنزانة واحدة ويمنعنا من الحديث مع بعضنا، نحن الصحفيين الذين كنا معا أصبحنا في زنازين تضع حدودا وتعاقب من يخالفها.
 
حجم الانتهاكات والتعامل بقسوة ولامبالاة مع السجناء جعل الحوثي متخوفا من خروج أي معلومات تكشف حقيقة هذه التصرفات وتعرية أمام الرأي العام والمنظمات الإنسانية.
 
350و110 وغيرها من الأرقام هي كل البيانات الشخصية التي نعرفها عن هؤلاء المخطوفين والمخفيين قسرا.
 
بحثت عن أسماء من كانوا بجواري ممن تم احتجازهم ببدروم الأمن السياسي لمعرفة أي شيء عنهم لإبلاغ أسرهم لكنهم رفضوا الإفصاح عن هويتهم وكانوا خائفين من ردة فعل قاسية في حال علمت إدارة الجهاز بأنهم كشفوا لنا عن أسمائهم وأسماء الأحياء والمدن التي تسكن فيها عوائلهم.
 
تجرم المواثيق والمعاهدات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان  تغييب أي شخص  وإخضاعه للتعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية، والحجز التعسفي المبني على الفوضى .
 
لكن السجين في معتقلات الحوثي يظل أكثر من ستة أشهر في غرف مظلمة تتلقفه أيادي التعذيب والعنف والإضطهاد، لن يهدأ بال الحوثي طالما يزج بالسجون أناس أبرياء ،فأنزل عليهم عقوبات قاصمة تشغلهم بأنفسهم وبوضعهم المزري وبتفاصيل حياتهم كلها التي تحولت إلى أرقام.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك