صوت الحديدة الجمهوري ..وداعاً

كل صباح أصحو على فجيعة غياب
قبل ثلاثة أيام غاب للأبد أحد أروع وأجمل أبناء عمي ..صالح ابن عمّي علي
واليوم يرحل العزّي مصوّعي! 
في الواقع. . أشعر أنني أموت كل صباح معهم!
تتساقط روحي وتنهار مثل جبل جليد
كل ما أقوم به هو أن أحاول لملمة أشلائي المُتناثرة من أرجاء البلاد ، ومن زوايا الصباحات الواجمة ! ألملمني! ..ربما كي أشعر أنني مازلت حيّا!
ومثل امرئ القيس تمنيت. . فلو أنّها نَفْسٌ تموتُ جميعةً ..ولكنَها نفسٌ تساقطُ أنفُسا
يموتون صَبْراً .. بلادٌ بكاملها تموت صبرا
يموتون قهرا ..بلادٌ بكاملها تموت قهرا
العزّي مُصَوّعي الشاعر والثائر غادرنا صباح اليوم في رحلته الأبدية النهائية 
ليست المغادرة ما يحزنني! 
فهذه نهاية كل حي
ما يحزنني حدّ الموت ، أن يغادر بلاده وهي تتحطم أمام عينيه في لحظة بائسة لم يتخيلها يوما ..وقد كان العزَّي صانعَ أحلامٍ كبير!
هاتفني العزّي من الحديدة قبل أسابيع بصوته الهادر الكاسر
وكعادته معي يهجم بالشعر أوّلا!
في بِضْعِ ليلةْ
سقطتْ صنعا قتيلةْ
أينَ منها قادةُ الجيشِ
..وشُيّاخُ القبيلة!
لم أعرف كيف أرد على التساؤل الشعري الحارق للعزّي مُصَوَّعي! 
كان صوته الجهُوري الأجَش محروقا على البلاد .. شعرت بجمر صوته يتلاشى رمادا
كان يذوى .. كان يموووت!
كان نقيّاً مثل غيمة 
وناصعا مثل مسجد
في العام 2014 كتبت مقالا في صحيفة الثورة عن مبدعي اليمن في غرفة الإنعاش ..وكانوا ثمانية! ..كان العزّي مصوّعي أحدهم
واستجاب الرئيس هادي في اليوم التالي وصرف لهم مبلغا
بعدها بأيام وعبر الهاتف سمعت صوته الجهوري الفخم يقول لي:
اليوم يا خالد تحققت أمنيتي! 
لقد دخل المكيّف اليوم ولأول مرّة بيتي
وعمري خمسة وتسعون عاما!